فأخذه البعيث فقال يهجو جريراً:
أترجو كليب أن يجىء حديثها ... بخير وقد أعيا كليباً قديمها
فقال الفرزدق:
إذا ما قلت قافية شروداً ... تنخلها ابن حمراء العجان
وأما عناب أيضاً بالنون فهو الأعور النبهاني الذي هجا جريراً فقال يخاطب ناقته:
فقلت لها أمي سليطاً بأرضها ... قبئس مناخ النازلين جرير
فلو عند غسان السليطي عرست ... رغا قرن منها وكاس عقير
وأنت كليبي لكلب وكلبة ... لها بين أطناب البيوت هرير
فقال جرير في قصيدته التي أولها: عفا ذو حمام بعدنا وجفير:
وأعور من نبهان يعوي ودونه ... من الليل باباً ظلمة وستور
رفعت له مشبوبة يهتدي بها ... يكاد سناها في السماء يطير
لأعور من نبهان أما نهاره ... فأعمى وأما ليله فبصير
إلى غير هذا من أبيات جياد ممضة فهرب منه الأعور ولم يذكره وقصته معه مشهورة.
من يقال له ابن عبدل منهم الحكم بن عبدل الأسدي ثم الغاضري الأعرج وكان شاعراً خبيثاً وكانت له عكازة يمشي عليها وإذا كانت له إلى إنسان حاجة بعث بعكازة إليه فقضاها فرقاً من لسانه وكان في أول دولة بني مروان وهو القائل:
ذهب الرجال المقتدى بفعالهم ... والمنكرون لكل أمر منكر
وبقيت في خلف يزين بعضهم ... بعضاً ليدفع معور عن معور
سلكوا بنيات الطريق فأصبحوا ... متنكبين عن الطريق الأكبر