وبالجملة فإن وضع عامة المسلمين الديني في أندونيسيا في ذلك العصر بعيد ومنحرف عن تعاليم دينهم الصحيحة، وأنهم محرومون من مزايا دينهم العظمى.
حركات الإصلاح في أندونيسيا:
وأعني بحركات الإصلاح جميع الحركات التي تدعو إلى تصحيح العقائد وتصفية الشرائع مما شوهها من البدع والخرافات والأوهام وبقايا الوثنية، وإلى نبذ التقليد الأعمى، والتعصب المذهبي والرجوع إلى نبع الدين الصافي وهو الكتاب والسنة وكسر الجمود، والاستنارة بتعاليم الإسلام الصحيحة التي تهدي الناس إلى الحياة الطيبة. ظهرت تلك الحركات في أندونيسيا وتنوعت من حيث الأساليب والأشكال على اختلاف استعدادات رجالها والبيئات التي يعيشون فيها، ولكنها تغزو غاية واحدة وتسعى تحت شعار واحد، وهو الرجوع إلى الكتاب والسنة أو الرجوع إلى نهج سلف الأمة، فمن ذلك سماها البعض "بالحركات السلفية".ابتدأت الحركات السلفية بظهورها في سومطرة - إحدى الجزر الخمسة الكبرى في أندونيسيا - سنة ١٨٠٢م على أيدي بعض الحجاج من مسلمي الجزيرة الذين رجعوا من مكة المكرمة واتصلوا بعلماء الدعوة الوهابية - كما سماها معارضوها - واقتنعوا بصحتها واعتنقوها. وهؤلاء هم "الحاج مسكين" وأصحابه المعروفون "بالأسود الثمانية" ولكن العوام الذين يجهلون حقيقة ما يدعون إليه سموهم "بطائفة الرهبان"، والحروب الطاحنة التي نشبت بينهم وأتباعهم في جانب وبين المستعمرين الهولنديين وأعداء الدعوة في جانب آخر، معروفة باسم "حروب الرهبان" أو "برابغ بدري" باللغة المحلية. اشتد النزاع بين أعداء الدعوة من سكان المنطقة وبين أتباع الدعوة الذين أصبحوا