وما ذكره المعترض عن عتبه بن غزوان فهو مثل الذي قبله، لقوله فيه:{فإن لله عبادا لا يراهم} ولفظه: {إذا أضل أحدكم شيئا وأراد عونا وهو بأرض فلاة ليس بها أنيس فليقل يا عبادالله أعينوني؛ فإن لله عبادا لايراهم} ١.
قال المعترض: فهب أن عباد الله المدعوين حاضرون كما قال، ولكن إذا لم يرهم الداعي لهم كيف يهتدي إلى الطريق وهو لم يرهم؟
فيقال: قولك هذا اعتراض منك على ما استدللت به.
ونقول له قد تحصل الهداية بإشارة أو علامة ترفع له، أو يكونون من جنس الملائكة الذين يلقون في قلب ابن آدم، فكل هذا جائز إن صح الأثر.
فانظر تسميته النداء دعاء في ثلاث مواطن من هذا المحل!! وهو يقول إن طلب المخلوق من المخلوق لا يسمى دعاء بل نداء. فتناقض، وهذا من سنة الله سبحانه في المبطل أنه يتناقض.
واحتج أيضا بما روي أن رجلا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الجدب عام الرمادة، فرآه وهو يأمره أن يأتي عمر فيأمره أن يخرج فيستسقي بالناس. هذا لفظه في اقتضاء الصراط المستقيم.
قال الشيخ رحمه الله: ومثل هذا يقع كثيرا لمن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم وأعرف من هذا وقائع. - قال - وليس هو مما نحن فيه - قال - وهذا القدر إذا وقع يكون كرامة لصاحب القبر، أما أنه يدل على حسن حال السائل فلا، ففرق بين هذا وهذا. انتهى.
وهذه الحكاية التي احتج بها هذا المبطل هي حجة عليه في قوله: إن ما جاز أن يطلب منه في حياته صلى الله عليه وسلم جاز أن يطلب منه بعد موته. وهو صلى الله عليه وسلم لما
١ أخرجه الطبراني في الكبير "١٧ / ١١٧ – ١١٨" وذكره الهيثمي في المجمع "١٠ / ١٨٨" وقال: رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة، والحديث ضعفه محدث العصر العلامة الألباني. انظر الضعيفة رقم ٦٥٦.