للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فهذا كلام باطل؛ لأن الوجود يتناول كل موجود من ذلك الجنة والنار والسماء والأرض والعرش والكرسي والحجب وغير ذلك من العالم العلوي والسفلي مما لا يعلمه إلا الله، ولم يملكه لأحد من عباده، بل لم يملك من الوجود إلا النزر القليل.

قوله: وقد ورد أن الدنيا والآخرة خلقتا لأجله ١ صلى الله عليه وسلم.

فهذا حديث لا يصح، والله سبحانه قد أعلمنا بالحكمة في خلق هذه المخلوقات كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي} [الذاريات: ٥٦] . وقال تعالى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧] . وقال تعالى {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:٢] . وقال تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنْ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ١٢] .وقال تعالى {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المائدة:٩٧] . فأخبر الله سبحانه بالحكمة في خلق هذه الأشياء، وأنه إنما خلقها لحكم التي ذكرها لا لأجل أحد من عباده، مع أن هذا الحديث لو صح لم يكن فيه حجة ولا شبهة يستأنس بها لما ادعاه، مع أنه أكرم الخلق على ربه وأقربهم إليه وسيلة صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين، لكنه نهى عن الغلو فيه فقال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله" ٢.


١ يشير إلى ما أخرجه الديلمي وابن عساكر بلفظ "لولاك ما خلقت الجنة ولولاك ما خلقت النار". وفي رواية ابن عساكر: "لولاك ما خلقت الدنيا". وهو حديث موضوع كما قال السيوطي في اللآلىء "١ / ٢٧٢} والعلامة الألباني في السلسلة الضعيفة"١ / ٤٥١ ".
٢ تقدم تخريجه ص ٢٠.

<<  <   >  >>