للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مساغا لبادروا وأظهروا ذلك.

قال البغدادي معترضا على ما كتبناه على قول الناظم: فإن من جودك الدنيا وضرتها. قال: وهو قال لك إن الدنيا والآخرة لغير الله أفلا يجوز أن الله يعطي الدنيا لأحد وهو يجود بها أو منها، أو ليس كل الوجود لله وقد ملكه لعباده، فما هذا الاعتراض الفاسد.

قال: وقد ورد أن الدنيا والآخرة خلقتا لأجله، وورد في البخاري أنه أكرم من الريح المرسلة، فماذا يضر لو كرم بما لربه ١ وهو حبيبه الأعظم. انتهى.

فنقول: هل يشك أحد في جوده صلى الله عليه وسلم، فهو أجود الناس، وأجود من الريح المرسلة صلوات الله وسلامه عليه، والمعترض حرف قول الصحابي وهو ابن عباس في قوله -رضي الله عنه-: "فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة ". ٢ فحرفه المعترض وقال إنه أكرم من الريح المرسلة. وقوله: أفلا يجوز أن الله يعطي الدنيا لأحد وهو يجود بها أو منها.

يعني أنه يجوز أن الله يعطي الدنيا كلها لإنسان، وذلك الإنسان يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وهذا لا يليق به سبحانه أن يجعل رزق العباد عند غيره بحيث يصير ذلك الغير هو مقصودهم الذي يرغبون إليه ويسألونه قضاء حوائجهم، ومقتضى قو ل الناظم فإن من جودك الدنيا وضرتها أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي جاد بهما لأن الله أعطاه ذلك ليجود به على عباده، بل مقتضى كلامه وإن لم يرده أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جاد على أهل الدنيا بإعطائهم ما يحبون ويجود على أهل الجنة بها.

وقوله: أوليس كل الوجود له وقد ملكه لعباده.


١ في "أ " و "ب " " بمال ربه ".
٢ أخرجه البخاري، كتاب: بدء الوحي، باب: ٥ حديث رقم ٦. ومسلم، كتاب الفضائل، باب: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير من الريح المرسلة ٠٠ حديث رقم ٥٩٦٤.

<<  <   >  >>