للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مأجورين١ لامتثالهم أمر الله في قوله: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} في زعم هذا المحرف لكلام الله فلا وجه لطلب العذر لهم.

وما قاله الشيخ رحمه الله في هذا الباب أعني باب التوحيد ليس باجتهاد منه لكنه بين ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وإجماع العلماء فرحمه الله ورضي عنه. والشيخ قال: وقد يفعل الرجل العمل الذي يعتقده صالحا ولا يكون عالما٢ أنه منهي عنه، فيثاب علي حسن قصده ويعفى عنه لعدم علمه، وهذا باب واسع. قال ويغفر للجاهل ما لا يغفر لغيره مراده في الجملة لا في التفصيل، ولهذا قال رحمه الله في شرح العمدة في أثناء كلام سبق: فكل رد لخبر الله أو أمره فهو كفر دق أو جل، لكن يعفى عما قد خفيت فيه طرق العلم وكان أمرا يسيرا في الفروع، بخلاف ما ظهر أمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر.

وقد قال رحمه الله: إن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر. ونقل ذلك عنه تلميذه صاحب الفروع فيه قال: ذلك والله أعلم لعموم قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:٤٨] .

وقال في الرسالة السنية: فكل من غلا في نبي أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية مثل أن يدعوه من دون الله بأن يقول: يا سيدي فلان أعثني، أو أجبرني، أو توكلت عليك، أو أنا في حسبك، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل.

وكذلك قال في مسألة الوسائط: إن فاعل ذلك يستتاب فإن تاب وإلا قتل.

وعموم قول الله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء:٤٨] يتناول كل مشرك. والفقهاء من جميع المذاهب يذكرون في باب حكم المرتد أن من أشرك بالله كفر، ويحتجون بهذه الآية ونحوها، ولم يحرجوا الجاهل من


١ في "ب" "مأجورون".
٢ في "أ" "يعلم".

<<  <   >  >>