قال ابن كثير: أمرا لله نبيه أن يخبر بتفويض الأمور إليه، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب المستقبل إلا ما أطلعه الله عليه كما قال تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}[الجن: ٢٦،٢٧] . فإنه يطلعه على من يشاء من غيبه. قال: والأحسن في قوله: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ}[الأعراق:١٨٨] . ما رواه الضحاك عن ابن عباس "لا ستكثرت من الخير " أي من المال، وفي رواية لعلمت إذا اشتريت رخيصا ما أربح فيه فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه ولا يصيبني الفقر. وقال ابن جرير – رحمه الله تعالى -: وقال آخرون معنى ذلك ولوكنت أعلم الغيب لأعددت للسنة المجدبة من السنة المخصبة ولوقت الغلاء من الرخيص. وقال ابن زيد-رحمه الله-: {وما مسني السوء} لا اجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون واتقيته ١. وقال تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ}[آل عمران:١٢٨] .
قال المعترض على ما كتبناه على قول الناظم: ومن علومك علم اللوح والقلم. فقال: قد قال الشراح: المراد باللوح ما يكتب فيه الناس، وبالقلم ما يكتبون به. قال: ويحتمل أن يكون المراد باللوح اللوح المحفوظ ولا يلزم على هذا الاعتراض الذي قاله هذا الرجل لأن مراده علم اللوح غير الفواتح الخمس. قال على أن قوله علم اللوح، الإضافة فيه جنسية أي بعض علم ما في اللوح، والجنس يصدق على بعض الأفراد -إلى أن قال-: بل ولو لم نقل هذا لم يلزم هذا الاعتراض؛ لأن فواتح الغيب الخمس لا يلزم أنها في اللوح المحفوظ، بل هي في أم الكتاب وهي غير اللوح -إلى أن قال-: فتبين من هذا أن أم الكتاب غير اللوح المحفوظ بل هي أصل اللوح. انتهى.
قوله: إن الشراح قالوا المراد باللوح ما يكتب فيه الناس وبالقلم مايكتبون به.