بوقوعه بعده إلى فناء الدنيا قد وقع، وليس كذلك وإنما وقع منه ما وقع إلى زمان هذا الرجل، وأخبر عن وقوع أشياء لم تقع بعد وهي واقعة بلا شك، والمراد أن هذا الرجل يأتي بعبارات فاسدة.
ويقال ثانيا هل ينكر ذلك مسلم، وهذا ونحوه مما أخبر به من الغيب الذي استثناه سبحانه في قوله {إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}[الجن:٢٧] . فإنه يطلعه على ما يشاء من غيبه.
وأورد ما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "أن الملك الموكل بالرحم يقول أي رب مخلقة أو غير مخلقة فإن كانت مخلقة قال ذكر أو أنثى شقي أم سعيد ما الأجل ما الأثر بأي أرض تموت. فيقال اذهب إلى الكتاب فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة ". ١
قال: فهذا يدل على أن الله يطلع بعض خلقه على شيء من الخمس وهو الملك.
قال: والنبي صلى الله عليه وسلم أولى لأنه منصوص عليه في قوله {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}[الجن:٢٦،٢٧] .
فقوله إنه منصوص عليه. الذي يظهر من كلامه أنه منصوص عليه بأنه يعلم ما في الأرحام، وهذا كذب منه وإنما النص في أنه سبحانه يطلعه على ما يشاء من غيبه، ومن ذلك إطلاعه سبحانه رسوله على ما يشاء إطلاعه عليه مما في الأرحام إن كان قد وجد من ذلك شيء، لا أنه يعلم جميع ما في الأرحام، وجميع ما أورده المعترض في هذا المحل من خبر المسيح وأثر ابن مسعود وأمر قتلى بدر وغير ذلك مما يعلم هو أنه لا حجة له فيه وأننا لا ننكره، إنما أراد التجهيم على الجهال وتكثير السواد في القرطاس.
١ أخرجه ابن جرير "٩ / ١١٠ " وابن أبي حاتم "٨ / ٢٤٧٤ ".