الله: باعتبار أنه هو تبارك وتعالى أمر به وشرعه. ويقال: دين الرسول صلى الله عليه وسلم: باعتبار أنه صلى الله عليه وسلم آمن به وبلغه ودعا إليه. ويقال: دين المسلمين: باعتبار أنهم آمنوا به واعتقدوه. فالإضافة في كل موضع بحسب من أضيف إليه. ومن الشواهد اللطيفة على هذا المعنى: أن ابن أبي داود ـ رحمه الله ـ لمَّا ختم منظومته في العقيدة"الحائية"، وهي منظومة رائعة وجميلة، بدأها بقوله:
تمسك بحبل الله واتبع الهدى ... ولا تكُ بدعياً لعلك تفلحُ
في ثلاث وثلاثين بيتاً، وهي من أحسن المنظومات المختصرة في عقيدة أهل السنة والجماعة، لما ختمها قال: هذه عقيدتي، وما أدين الله به. ثم صار رواة هذه القصيدة ـ بعده ـ كل واحد منهم يقول: وأنا أقول: هذه عقيدتي، وما أدين الله به.
فقول ابن أبي داود: هذه عقيدتي. أي باعتبار أنه يدين الله عز وجل بمضمونها، وإلا فإن العقيدة المأخوذة من الكتاب والسنة هي عقيدة جميع المسلمين.
إذاً فدور الحافظ عبد الغني المقدسي ـ رحمه الله ـ في هذه العقيدة إنما هو في جمعها، وترتيبها، وتنظيمها. وليس له فيها شيء أنشأه من قبل نفسه، وشاهد هذا أنك لا تجد فيها شيئاً إلا وهو مستند إلى دليل من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، بل إنه ذكر في بدايتها ـ كما سيأتي إن شاء الله ـ أن العقيدة إنما تبنى ويقام أمرها على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإن لم تكن كذلك أخذت بصاحبها إلى سبيل الردى والهلاك.
وهذا بخلاف قول صاحب الهوى: هذه عقيدتي. فإن صاحب الهوى إذا أطلق هذه