للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقالة فمقصوده: أنَّ هذا هو التصور الذي عندي، وخلصت إليه بعقلي، ووصلت إليه بفكري. فيقال عقيدة فلان؛ لأن عقائدهم خلاصات للآراء والتجارب والتصورات. بينما عقيدة أهل السنة مأخوذة من الكتاب والسنة، ودورهم فيها إنما هو الجمع والترتيب.

ولهذا ذكروا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مرة المعتقد وطلبوا منه تصنيف مختصر فيه، فقال لهم كلمة تدل على هذا المعنى، فقال: " أما الاعتقاد فلا يؤخذ عني ولا عمن هو أكبر مني، بل يؤخذ عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه سلف الأمة، فما كان في القرآن وجب اعتقاده، وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم " ١.

فلمَّا ألحوا عليه ألَّف كتابه العقيدة الواسطية، ولم يذكر فيه شيئاً إلا وعليه دليل من الكتاب والسنة. فهذا سَنن أهل السنة، ليس فيهم من ينشئ معتقداً من قبل نفسه، وإنما معتقدهم هو الإيمان بما جاء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

هذا التأصيل المبارك الذي نشأ عليه هؤلاء الكرام ترتب عليه ثبات هذه العقيدة على مر الأيام، فلو نظرت في كتب أهل السنة في العقيدة: قديمها وحديثها، على اختلاف بلدانهم، وتباين ألسنتهم، وتباعد أزمانهم، تجدها عقيدة واحدة، وذلك لاتحاد وصفاء المنبع وسلامة المصدر الذي أخذت منه. فالعقيدة التي دعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وآمنوا بها، هي العقيدة التي يعتقدها أهل السنة في هذا الزمان، الذين يأخذون عقيدتهم من كتاب الله وسنة نبيه


١ مجموع الفتاوى ٣/١٦١، والعقود الدرية ص٢٢٣، وانظر: مجموع الفتاوى ٣/٢٠٣

<<  <   >  >>