للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" وقف حيث وقف القوم " المراد بالقوم الصحابة ومن اتبعهم بإحسان، وهم الذين لا يشقى من سلك سبيلهم. فقف حيث وقفوا، ولا تتجاوز خطاهم ومسارهم، تنظر ماذا فعلوا فتفعل، ولا تتجاوز ذلك؛ فإنَّهم لم يقفوا حيث وقفوا عن عجز أو عدم قدرة، بل لتمسكهم بالسنة ولزومهم لها وحرصهم عليها، كما قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ:""قف حيث وقف القوم، فإنَّهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ كفوا، وهم على كشفها كانوا أقوى، وبالفضل لو كان فيها أحرى، فلئن قلتم: حدث بعدهم، فما أحدثه إلا من خالف هديهم، ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي، وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصَّر عنهم قوم فجفوا، وتجاوزهم آخرون فغلوا، وإنَّهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم " ١.

" وقل في ما قالوا " أي: إذا أردت أن تقول قولاً فقل فيما قال السلف ولا تزد. كما قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ:""إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام من السلف " ٢؛ لأنَّهم أهل هدى وحق وبصيرة في دين الله تعالى.

" وكف عما كفوا " أي: الشيء الذي كف عنه السلف كف عنه، واعلم أنَّ الخوض فيه مما لا خير فيه؛ لأنَّه لو كان خيراً لسبقونا إليه.

" واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنَّه يسعك ما وسعهم " وقد قال بعض السلف:""من لم يسعه ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلا وسَّع الله عليه " ٣،


١ مناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي " ص٨٣ ـ ٨٤ "، ولمعة الاعتقاد لابن قدامة " ص٤٢ ـ ٤٣ "
٢ مجموع الفتاوى " ٢١/٢٩١ "، وانظر: السنة للخلال " ٣/ ٥٥٢ "
٣ انظر: الإبانة لابن بطة " الرد على الجهمية ٢/٢٧٣ "

<<  <   >  >>