للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقل أحد من السلف قط: إن الله ليس في السماء، ولا أنه بذاته في كل مكان، ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء.

وأما دليل الفطرة: فإن جميع العباد بطباعهم إذا أرادوا دعاء الله تعالى والتضرع إليه رفعوا أيدهم، واتجهت قلوبهم جهة العلو، فالله تعالى قد فطر قلوب عباده على التوجه في دعائه إلى الجهة العلوية، وهذا يدل على أنه تعالى بذاته فوق جميع مخلوقاته"١".


"١" ينظر شرح الطحاوية ص٣٩٠-٣٩٢، وينظر الإبانة لأبي الحسن الأشعري ٢/١٠٧، الحجة للأصبهاني٢/١١٧.
وقد روى الحافظ أبو منصور بن الوليد بإسناده عن أبي جعفر بن أبي علي الهمداني الحافظ، قال: سمعت أبا المعالي الجويني وقد سُئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ? فقال: كان الله ولا عرش وجعل يتخبط في الكلام. فقلت: قد علمنا ما أشرت إليه، فهل عندك للضرورات من حيلة ?. فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارة?، فقلت: ما قال عارف قط: " يا رباه " إلا قبل أن يتحرك لسانه، قام من باطنه قصد لا يلتفت يمنة ولا يسرة يقصد الفوق، فهل لهذا القصد الضروري عندك من حيلة? فنبئنا نتخلص من الفوق والتحت. وبكيت، وبكى الخلق، فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: يا للحيرة، ونزل، ولم يجبني إلا: "يا حبيبي الحيرة الحيرة، والدهشة الدهشة". فسمعت بعد ذلك أصحابه يقولون: سمعناه يقول: "حيرني الهمداني". ذكره الحافظ الذهبي في "العلو"ص٢٥٩، وقال الألباني في "مختصر العلو"ص٢٧٧: "إسناد هذه القصة صحيح مسلسل بالحفاظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>