للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

...................................................................................


وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: "قال ابن مسعود والحسن: هي عامة في كل من لَمْ يحكم بما أنزل الله من المسلمين واليهود والكفار، أي معتقداً ذلك ومستحلاً له، فأما من فعل ذلك وهو معتقد أنه راكب محرم فهو من فساق المسلمين، وأمره إلى الله تعالى، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، وقال ابن عباس في رواية: ومن لم يحكم بما أنزل الله فقد فعل فعلاً يضاهي أفعال الكفار، وقيل: أي ومن لم يحكم بجميع ما أنزل الله فهو كافر، فأما من حكم بالتوحيد ولم يحكم ببعض الشرائع فلا يدخل في هذه الآية، والصحيح الأول» . وقال ابن العربي في تفسير هذه الآية أيضاً بعد ذكره للخلاف في هذه المسألة: «وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوىً ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين"، وما ذكره ابن العربي من كفر من بدل الشرع مجمع عليه كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى ٣/٢٦٧، وعليه يحمل ما ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ١٥/١٦٣ عند كلامه على حكم جنكز خان بالياسق من الإجماع على كفر من حكم به، بدليل أن الحافظ ابن كثير رحمه الله قرنه بالحكم بالشرائع السابقة التي أكثرها مبدل، ويؤيد هذا أن جنكز وابنه كانا يدعيان أنهما نائبان عن رب السماء كما في البداية والنهاية ١/١٦٢، ولا يصح حمل كلامه رحمه الله على حكاية الإجماع على كفر من لم يحكم بجميع ما أنزل الله مطلقاً،، فإن كلامَ كثير من أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم يدل على وجود الخلاف في هذه المسألة، والقرطبي إنما ذكر في كلامه السابق هذا القول كأحد الأقوال في تفسير آية المائدة التي هي عمدة من قال بكفره، فهذه المسألة بلا شك مسألة خلافية، ولهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>