للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلبه عداوة له، وهذا كله كفر"١".


"١" وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من كره شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كفر. ينظر مجموعة التوحيد ١/٣٨، الدرر السنية ٢/٣٦٠، ٣٦١. وعلى هذا القول فمن كره شيئاً مما أجمع أهل العلم عليه أو مما يعلم هو أنه من دين الله تعالى كفر، وقد سبق ذكر أمثلة لذلك عند الكلام على كفر الجحود وكفر السب والاستهزاء. وقال بعض أهل العلم: إن من كره حكماً شرعياً واحد لا يكفر، وأنه لا يكفر حتى يكره الدين كاملاً، وقد مال إلى هذا القول شيخنا عبد الرحمن بن ناصر البراك، وقال: إن الآية السابقة واردة في شأن الكافرين الذين لم يدخلوا في الإسلام، والكافر يكره دين الله كله، وقد ذكر الله تعالى فيها حبوط أعمال من كره جميع ما أنزل الله، لأن «ما» عامة، وليس في المسألة دليل آخر يمكن أن يستدل به على كفر من كره حكماً شرعياً واحداً. ومما يمكن أن يستدل به لهذا القول: ما ثبت من أن عمر رضي الله عنه كره حكم النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، وقد قال عمر عن موقفه في ذلك اليوم: «رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر النبي صلى الله عليه وسلم لرددته» ، فقد كره عمر رضي الله عنه حكم النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:" إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبداً "، بل إن ظاهر حال الصحابة في ذلك اليوم أنهم كرهوا هذا الصلح، ولهذا لم يمتثلوا أمره صلى الله عليه وسلم بالحلق في أول الأمر، والأحاديث في مواقفهم في هذا اليوم ثابتة في صحيح البخاري "٢٧٣١، ٣١٨١، ٣١٨٢"، وصحيح مسلم "١٧٨٥، ١٧٨٦"، ومما يمكن أن يستدل به لهذا القول أيضاً ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلام ثقيف مع أنها اشترطت عليه أن لا صدقة عليها ولا جهاد. والحديث رواه أبوداود "٣٠٢٥" بإسناد حسن، فظاهر حالهم أنهم دخلوا في الإسلام مع كراهتهم لهذين الحكمين.
ومما يمكن أن يستدل به لهذا القول كذلك: أن مجرد فعل بعض المعاصي يحمل العاصي شاء أم لم يشأ على بغض بعض الطاعات، فمثلاً الواقع في شرب الخمر أو في الزنى المسرف على نفسه في فعلهما يكره أن يطبق شرع الله في بلده حتى لا

<<  <  ج: ص:  >  >>