للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البحر وقال: «والله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذب به أحداً» ، فغفر الله له"١"، فهو قد شك في قدرة الله على إعادة خلقه، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، ومع ذلك غفر الله له لجهله وخوفه من ربه"٢".


معذورون بجهلهم، وأمرهم إلى الله عز وجل، والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيؤمرون، فإن أجابوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} ، ولأحاديث صحيحة وردت في ذلك". وينظر فتاوى الشيخ ابن عثيمين "جمع فهد السليمان ٢/١٢٤-١٣٨" ففيها تفصيل جيد.
"١" رواه البخاري في الأنبياء "٣٤٨١،٣٤٧٨"، ومسلم في التوبة "٢٧٥٧،٢٧٥٦" من حديث أبي هريرة ومن حديث أبي سعيد، ورواه البخاري "٣٤٧٩" من حديث حذيفة. وقد ذكر ابن الوزير في إيثار الحق ص٣٩٤ أن هذا الحديث متواتر.
"٢" قال أبومحمد ابن حزم في الفصل ٣/٢٥٢:"فهذا إنسان جهل إلى أن مات أن الله عز وجل يقدر على جمع رماده وإحيائه، وقد غفر له لإقراره، وخوفه، وجهله".
وقد ذكر ابن حزم في الفصل ٣/٢٥١-٢٥٣ أيضاً ثلاثة أدلة أخرى لهذا المانع:
أولها: قبول النبي صلى الله عليه وسلم إسلام كل من أسلم مع أنه جاهل بأكثر مسائل أصول الدين.
والثاني: قول الحواريين {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} قال:"ولم يبطل بذلك إيمانهم". والثالث: أن من قرأ القرآن فأخطأ جهلاً لا يكفر. وينظر تأويل مختلف الحديث ص٨١، وإيثار الحق ص٣٩٤، وينظر أيضاً رسالة منهج ابن تيمية في التكفير ١/٢٤٣-٢٤٩، فقد نقل مؤلفها عن شيخ الإسلام في هذا تسعة أدلة قوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>