وقال أبو العباس القرطبي المالكي المتوفى سنة "٦٥٦هـ" في المفهم ٢/٩٣٢ عند شرحه لهذا الحديث: "ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فأعلوا حيطان تربته وسدوا المداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره صلى الله عليه وسلم، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذا كان مستقبل المصلين، فتتصوَّر الصلاة إليه بصورة العبادة فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وتحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من جهة الشمال حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره، ولهذا الذي ذكرناه كله قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبر نبيه". اهـ. وهذه العلة لدفنه صلى الله عليه وسلم في غرفة عائشة – رضي الله عنها – هي السبب الثابت في ذلك، لثبوته في الصحيحين كما سبق. أما حديث:" ما قبض الله نبياً إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه " فقد اختلف في ثبوته. وعلى فرض ثبوته فهو يؤيد رواية الفتح للفظة"خشي". في حديث عائشة، وعليه يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم بدفنه في موضع وفاته لئلا يتخذ قبره مسجداً. ينظر: الفتح ١/٥٢٩، و٣/٢٠٠. وكانت توسعة المسجد النبوي وإدخال غرفة عائشة - رضي الله عنها - فيه في عهد الوليد بن عبد الملك الأموي بأمر منه بعد موت جميع الصحابة الذين بالمدينة لما احتاجوا إلى توسعته، وكانت حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بجانب المسجد، فاشتريت وضمت إلى المسجد، ومنها حجرة عائشة - رضي الله عنها – التي فيها قبر خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم، فأعيد بناء الحجرة وجعلت مثلثة لكي لا تستقبل عند الصلاة كما سبق، وفي العصور