يستقرون عليها، وينتفعون فيها بالأبنية والزراعة والتكسب، وجعل السماء بناء - وهو السقف - وأودع فيها من المنافع ماهو من حاجاتهم، كالشمس والقمر والنجوم، وأنزل من السماء - وهي كل ما علا فوقهم - ماء، فأنبت به الثمرات من الحبوب والفواكه والتمور وغيرها، رزقاً لهم.
ثم نهى سبحانه وتعالى في ختام الآية الثانية عن جعل الأنداد لله، وهم الشبهاء والنظراء والشركاء، الذين يعبدون مع الله بصرف شيء من العبادة لهم مع أنهم لم يخلقوا العباد، ولم يرزقوهم، بل هم مخلوقون، مرزوقون، مدبرون، ومن حصل منه من الأولياء والصالحين نفع للعباد فإنما هو بتسخير الله، وتدبيره وإعانته لهم على ذلك، بل إن الله هو خالقهم وخالق أفعالهم، فالله تعالى هو وحده المنعم أولاً وآخراً، وهؤلاء إنما جعلهم الله سببا في وصول هذا الخير إلى العباد، فكيف يعبدونهم مع الله وهم يعلمون أن الله لا شريك له في الربوبية ولا في الألوهية (١) .
فالعبادة هي خالص حق الله تعالى، لا يجوز صرف شيء منها لغيره، كائناً ما كان، ومن صرف شيئاً منها لغيره فقد ظلم وأساء في حق الله تعالى، كما قال سبحانه حكاية عن لقمان:{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣] .
(١) ينظر تفسير ابن أبي حاتم، وتفسير ابن كثير، وتفسير الشوكاني، وتفسير السعدي للآيتين (٢١ و٢٢) من سورة البقره.