"سنين" قال: فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي اعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله" هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو الصديق الناجي اسمه بكر ابن عمر، ويقال بكر بن قيس. فهذا ما ذكره الإمام أبو عيسى الترمذي جازما بصحة هذه الأحاديث، وأنت لم تذكر لأحاديث المهدي علة عن أحد من العلماء على عدم ثبوتها إلا مجرد الدعوى من غير برهان ولا دليل، والمثبت مقدم على النافي، وإذا صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجزم بذلك إمام من أئمة أهل الحديث، وجب علينا التصديق به والإيمان به، وأنه حق كائن لا محالة. وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه أجل في صدورنا من أن نعارضها بما يذكره ابن خلدون وأمثاله ونعارض ما صححه الإمام الترمذي بأمثال ابن خلدون من لا يؤبه له ولا يعد من العلماء الأفاضل، والأئمة الأمائل، بل ذكر لي بعض الإخوان أنه إخباري صاحب تاريخ قد شحن مقدمته بالطلاسم ١ وأخبار المنجمين
١ كذا في الأصل، ولعله يسر الأستاذ المؤلف نفع الله به أن نخبره عن معرفة بأن ابن خلدون ليس مؤرخا نقالا للأخبار على علاتها كأكثر المؤرخين، بل هو محقق في التاريخ، ومحدث، وفقيه، وليست مقدمة تاريخه مشحونة بالطلمسات وأخبار المنجمين كما قال له الثقة عنده بل تذكر فيها الطلمسات في فصل الكلام على السحر، وهو يذمه ويقول فيه ما قال فقهاء أصحابه المالكية وغيرهم. وله فصل آخر في المقدمة عنوانه: "إبطال صناعة النجوم وضعف مداركها وفساد غايتها". وأما كلامه في المهدي فهو يذكر ما ذكر من أحاديث الترمذي مع ما ذكره أئمة الجرح والتعديل في تضعيف رواتها كتضعيفهم لعاصم بن بهدلة في الحديث دون القراءة ولكن من جهة سوء حفظه وكونه تغير في آخر عمره. وأما زيد العمي فكلامهم في ضعفه كثير ويعلم المؤلف حفظه الله أن الترمذي كان يتساهل في الصحيح فلا يعتد بتصحيحه لما خالفه غيره فيه من الأئمة.