للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقول: اعلم وفقك الله تعالى أن الشارح والناظم أطلقا لفظ الإرادة من غير تفصيل ولا بيان، وهو كلام مجمل موهم من جنس ما تقدم من الألفاظ التي نبهنا عليها من كلام أهل البدع، فإن الظاهر من هذا اللفظ الذي أطلقه الشارح والناظم إنما يراد به الإرادة الكونية القدرية، وفي المسألة تفصيل قد ذكره المحققون من أهل العلم، لأن الإرادة إرادتان، كونية قدرية، وإرادة دينية شرعية

وبيان ذلك بما ذكره شيخ الإسلام بن تيمية قدس الله روحه في منهاج السنة حيث قال: "الوجه الثالث" طريقة الأئمة الفقهاء وأهل الحديث وكثير من أهل النظر وغيرهم، أن الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادة تتعلق بالأمر، وإرادة تتعلق بالخلق، فالإرادة المتعلقة بالأمر أن يريد من العبد فعل ما أمر به، وأما إرادة الخلق فأن يريد ما يفعله هو، فإرادة الأمور هي المتضمنة للمحبة والرضا، وهي الإرادة الدينية، والإرادة المتعلقة بالخلق هي المشيئة، وهي الإرادة الكونية القدرية، فالأولى، كقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} ، وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم} إلى قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} ، وقوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} الآية والثانية، كقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْس أَهْلَ الْبَيْت} الآية. والثانية، كقوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} ، وقوله: {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} ، ومن هذا النوع

<<  <   >  >>