[الباب الثاني: في اختلاف الناس في الجنة التي أسكنها آدم عليه الصلاة والسلام وأهبط منها هل هي جنة الخلد أو جنة أخرى غيرها في موضع عال من الأرض؟]
قال منذر ابن سعيد في تفسير قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} فقالت طائفة أسكن الله آدم جنة الخلد التي يدخلها المؤمنون يوم القيامة وقال آخرون هي جنة غيرها جعلها الله له وأسكنه إياها ليست جنة الخلد قال وهذا قول تكثر الدلائل الشاهدة له والموجبة للقول به وقال أبو الحسن الماوردي في تفسيره: "واختلف الناس في الجنة التي أسكناها على قولين: أحدهما أنها جنة الخلد الثاني: أنها جنة أعدها الله تعالى لهما وجعلها ابتلاء وليست هي جنة الخلد التي جعلها دار جزاء" ومن قال بهذا اختلفوا فيه قولين:
أحدهما: أنها في السماء لأنه أهبطهما منها وهذا قول الحسن
الثاني: أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار وهذا قول ابن بحر وكان ذلك بعد أن أمر إبليس بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام والله أعلم بصواب ذلك هذا كلامه.
وقال ابن الخطيب في تفسيره المشهور واختلفوا في الجنة المذكورة في هذه الآية هل كانت في الأرض أو في السماء وبتقدير أنها كانت في السماء فهل هي الجنة التي هي دار الثواب وجنة الخلد أو جنة أخرى فقال أبو القاسم البلخي وأبو مسلم الأصبهاني:"هذه الجنة في الأرض" وحملا الإهباط على الانتقال من بقعة إلى بقعة كما في قوله: {اهْبِطُوا مِصْراً} واحتجا عليه بوجوه.
القول الثاني وهو قول الجبائي أن تلك الجنة التي كانت في السماء السابعة.