للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استقر الجبل فسوف آكل واشرب وأنام فالأمران عندكم سواء الوجه السادس قوله سبحانه وتعالى {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} وهذا من أبين الأدلة على جواز رؤيته تبارك وتعالى فإنه إذا جاز أن يتجلى للجبل الذي هو جماد لا ثواب له ولا عقاب عليه فكيف يمتنع أن يتجلى لأنبيائه ورسله وأوليائه في دار كرامتهم ويريهم نفسه فأعلم سبحانه وتعالى موسى إن الجبل إذا لم يثبت لرؤيته في هذه الدار فالبشر اضعف الوجه السابع أن ربه سبحانه وتعالى قد كلمه منه إليه وخاطبه وناجاه وناداه ومن جاز عليه التكلم والتكليم وان يسمع مخاطبه كلامه معه بغير واسطة فرؤيته أولى بالجواز ولهذا لا يتم إنكار الرؤية إلا بإنكار التكليم وقد جمعت هذه الطوائف بين إنكار الأمرين فأنكروا أن يكلم أحدا أو يراه أحد ولهذا سأله موسى عليه السلام النظر إليه واسمعه كلامه وعلم نبي الله جواز رؤيته من وقوع خطا به وتكليمه لم يخبره باستحالة ذلك عليه ولكن أراه أن ما سأله لا يقدر على احتماله كما لم يثبت الجبل لتجليه وأما قوله تعالى: {لَنْ تَرَانِي} فإنما يدل على النفي في المستقبل ولا يدل على دوام النفي ولو قيدت بالتأبيد فكيف إذا أطلقت قال تعالى: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً} مع قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}

<<  <   >  >>