ثالثاً: أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما لو رويا شيئاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمعاه منه أو أخبرا عن شيء قد رأياه، فإن السامع يصدق ذلك نظراً لحصول العلم بخبره، ولا يمكن أن يشك أدنى شك في هذا النقل (١) .
رابعاً: أن علماء السلف- رحمهم الله – قد أجمعوا على نقل أخبار صفات الله عز وجل، ومعروف أن تلك الصفات ليس فيها عمل وإنما المراد بها العلم والاعتقاد والإيمان بها من غير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه فهنا أفادت أخبار الصفات العلم مع أن أكثرها آحاد، وسبب ذلك أن تلك الأخبار قد أيدت بقبول الأمة لها وعدم وجود أي منكر يعتد بقوله - منهم لها فهذا يدل دلالة واضحة على أن خبر الواحد يفيد العلم إذا توافرت فيه تلك الشروط.
تعقيب:
بعد عرض آراء العلماء في إفادة خبر الآحاد للعلم أو الظن وذكر أدلة كل منهم نستطيع أن نقول ما يلي:
أولاً: أن هذا الخلاف لفظي؛ لأن الذين يقولون إن خبر الآحاد يفيد الظن يقولون بوجوب العمل به فكيف يتصور العمل بدون علم؟ فالعمل فرع تصور العلم.
ثانياً: لا بد أن نستفسر عن حقيقة الظن الذي يفيده هل المراد به الشك والخرص والوهم والتخمين الوارد في قوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا