تَهْوَى الْأَنفُسُ} [سورة النجم آية:٢٣] أو قوله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[سورة النجم آية:٢٨] أو قوله تعالى: {إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}[سورة الجاثية آية:٣٢] وهذا هو الظن المذموم.
أو المراد به الظن الغالب الملحق باليقين أو الظن الراجح دون مرتبة اليقين كما في قوله تعالى:{وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ}[سورة يوسف آية:١١٠] وقوله تعالى: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ}[سورة ص آية: ٢٤] . وهذا هو الظن المحمود.
ولا أعتقد أن أحداً من أهل العلم يقول بالمعنى الأول، وإنما المعنى الذي يتفق مع إفادة أخبار الآحاد هو الظن الغالب الملحق باليقين أو الظن الراجح دون مرتبة اليقين، يؤيد هذا أن من العلماء الذين قالوا بإفادة أخبار الآحاد للظن قالوا بوجوب الاحتجاج بها في العقائد كأبي الحسين البصري وابن عبد البر والغزالي والقرافي والنووي والبيضاوي والأسنوي.
ثالثاً: أن أهل الحديث - وقولهم مقدم على غيرهم في هذا الموضوع -
لم يختلفوا في إفادة أخبار الآحاد العلم، وإنما اختلفوا في نوعية العلم: أهو قطعي، أم ضروري أم نظري ولم يفرقوا بين أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعضها يفيد العلم وبعضها يفيد الظن لأن مصدر الأخبار عندهم واحد.
رابعاً: أن الذين قالوا إن أخبار الآحاد تفيد الظن نجدهم يقولون بصحة أقوال أئمتهم ومذاهبهم، مع أن هذه الأقوال وصلت إليهم بطريق الآحاد فكيف حصل لهم ذلك.