للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وابن سيرين بالبصرة، والأسود وعلقمة والشعبي بالكوفة ومحدثي الناس وأعلامهم بالأمصار: كلهم يُحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله والانتهاء إليه والإفتاء به ويقبله كل واحد عن من فوقه ويقبله عنه من تحته.

ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبّته جاز لي (١) .

وبالتالي فأجمع التابعون وتابعو التابعين على الاحتجاج بخبر الآحاد ولم ينكر عليهم أحد، ولما انقضى عصر التابعين حدث الاختلاف في الاحتجاج بخبر الواحد فخالف من خالف (٢) .

رابعاً: القياس (قياس الرواية على الفتوى)

وهو أن المفتي إذا أفتى شخصاً بحكم شرعي فإنه يجب على المستفتي وهو العامي أن يصدق ذلك المفتي ويقبل تلك الفتوى ويعمل بالإجماع. مع أن ذلك المفتي ربما يخبر عن ظنه، فإذا كان الأمر كذلك في الفتوى فإنه إذا أخبر هذا المفتي بخبر سمعه، فكذلك يجب قبول خبره وتصديقه قياساً للمخبر على المفتي بجامع أن كلاً منهما يجوز عليهما الغلط، فإن تطرق الغلط على المفتي كتطرقه إلى الراوي فإن كل مجتهد وإن كان مصيباً فإنما يكون مصيباً إذا لم يفرط، وربما ظن أنه لم يفرط ويكون قد فرط وهذا عند من يجوز تقليد مقلد بعض الأئمة أولى، فإنه إذا جاز أن يروي مذهب غيره فلم لا يجوز أن يروي


(١) الرسالة /٤٥٥-٤٥٧.
(٢) إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ج ٣/ ١٦٩.

<<  <   >  >>