أولاً: إنه قياس لا يصح الاستدلال به هنا؛ وذلك لأنه لا يفيد إلا الظن، والظن لا يقوى على إثبات قاعدة أصولية كالعمل بخبر الواحد.
وأجيب عن ذلك الاعتراض بما يلي:
أن قياس الرواية على الفتوى ليس قياساً ظنياً بل هو قياس جلي مقطوع به حيث إنه في معنى أصله؛ لأنه لو صح العمل بخبر الواحد في باب البيوع لقطعنا به في باب النكاح - مثلاً - ولم يختلف الأمر باختلاف المروي وهاهنا لم يختلف إلا المخبر عنه فإن المفتي يخبر عن ظن نفسه، والراوي يروي عن قول غيره فلا فرق بين الراوي والمفتي.
ثانياً: أن هذا القياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق حيث يوجد فرق بين الرواية والفتوى، وهو أن العمل بالفتوى ضروري لأن تكليف كل واحد من العوام الاجتهاد في كل واقعة لا يمكن. أما العمل بخبر الواحد فغير ضروري لأنا إن وجدنا في المسألة دليلاً قاطعاً عملنا به، وإن لم نجد عملنا بالبراءة الأصلية ولا يلزم من جواز العمل بالظن عند الضرورة جواز العمل لا عند الضرورة.
وأجيب عن ذلك الاعتراض بما يلي:
أن قولكم – لو كلفنا كل عامي الاجتهاد في كل حادثة حدثت له فإنه يفضي إلى تعذر الأحكام ووجود حوادث بلا أحكام - ليس بصحيح؛ فإن العامي ينبغي أن يرجع إلى البراءة الأصلية، ويستصحب حال الحكم السابق الذي يعرفه؛ لأنه لا طريق له إلى المعرفة.