للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأجاب القاضي عياض عن هذه الدعوى "بأن قول مالك هذا ليس مراده به ردّ البيعين بالخيار، وإنما أراد بقوله ما قال في بقية الحديث وهذا قوله: "إلا بيع الخيار" فأخبر أن بيع الخيار ليس له حد عندهم، لا يتعدى إلاّ قدر ما تختبر فيه السلعة، وذلك يختلف باختلاف المبيعات فيرجع فيه إلى الاجتهاد، والعوائد في البلاد وأحوال المبيع. وإنما ترك العمل بالحديث لغير هذا، بل تأول التفرق فيه بالقبول وعقد البيع، وأن الخيار لهما ما داما متراوضين ومتساومين.

وهذا هو المعنى المفهوم من المُتَفَاعِلَيْنِ، وهما المتكلفان للأمر الساعيان فيه، وهذا يدلّ أنه قبل تمامه، ويعضده قوله: "لا يبع أحدكم على بيع أخيه "، وهذا أيضاً في المُتَسَاوِمَيْنِ. فقد سماه بيعاً قبل تمامه وانعقاده.

وقال بعض أصحاب الحديث: منسوخ بقوله في الحديث الآخر "إذا اختلف المتبايعان، فالقول ما قال البائع، ويترادان" ١،ولو كان لهما الخيار لما احتاجا إلى تحالف وتخاصم، وقد يكون قول مالك عن طريق


١ الدارقطني٣/٢٠-٢١، بألفاظ متفقة مع هذا في المعنى.

<<  <   >  >>