أمّا عن دعوى الإجماع، فيجاب عنها بما رواه أبو عمر بما حاصله:"أي عمل يدعى مع مخالفة المصطفى صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده"١.
وأما دعوى النسخ فإن إثبات النسخ يحتاج إلى دليل، ولم يذكروا من الدليل غير ما ادعوه من إجماع أهل المدينة، وسبق آنفاً ما ورد من قول أبي عمر:"أي عمل يدعى مع مخالفة المصطفىصلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده".
وأما استدلالهم بأنهم أعلم الأمة بآخر ما كان عليه صلى الله عليه وسلم بحرصهم على اتباعه، فذلك لا يثبت نسخ ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولا يكفي لردّه. ويدلّ لذلك عدم معارضة أبي سلمة وأبي رافع لأبي هريرة حين بين لهما السنة في ثبوت السجود في {إذا السماء انشقت}
وذلك يدل على عدم إجماع أهل المدينة، إذ كيف يتصوّر إجماع أهل المدينة مع مخالفة الخلفاء الراشدين؟ اللهم إلا أن يراد إجماع فقهائها وقرائها، غير الصحابة، وهم حينئذٍ بعض الأمة، وذلك لا ينسخ ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مما رواه مالك -رحمه الله- وغيره عن الصحابة من السجود فيها، مما سأورده- إن شاء الله- أثناء الجواب عمّا استدلوا به هنا.