للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

شرطا أساسيا في بلوغ درجة الاجتهاد حتى قيل (لا ثقة بفقه لا يعتمد على أصول) ، ومظاهر هذا عنده تتجلى في أمرين اثنين:

الأول: مناقشته لأهم المسائل والقواعد الأصولية.

الثاني: تلخيصه وعرضه لبعض المسائل الأصولية من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولا يستطيع الخوض فيها إلا عالم متمرس بمسائله عارف بقوانينه، وفي كلا الحالين لا يمكن أن يقتحم أسوار هذا العلم إلا عالم ذو دراية وممارسة له.

ففي مناقشته لنسخ القرآن بالسنة يتعرض لهذا الموضوع من خلال الأمثلة التي يوردها العلماء في هذا الصدد، فيقول:

"ثبت أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب وأن يجمع بين المرأة وعمتها وخالتها فقال طائفة هذا نسخ للقرآن، فإن أرادوا النسخ العام الذي هو تقييد المطلق فصحيح، وإن أرادوا النسخ الذي هو رفع الحكم فضعيف، فإنه لم يثبت أن الله أراد بقوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ١.

تحليل ذلك، فإن قيل هو عام بين الدليل المخصص أن الله لم يرد تلك الصورة كقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} ٢ الآية لم يرد به الأمة، وقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} ٣ لم يرد الحامل ولا التي لم يدخل بها، ولم يثبت أن السنة نسخت القرآن، قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} ٤ الآية، فالقرآن لا ينسخه إلا مثله، وقال كثير: السنة خصصت القرآن وهم أكثر وأفضل من أولئك، وقد يقال: السنة فسرت القرآن، ولهذا في حديث معاذ وكلام عمر وابن مسعود وغيرهما أن يحكم بكتاب الله فإن لم يوجد فبسنة رسول الله، فلو كان في السنة ما يقدم على دلالة القرآن لم يكن كذلك بل السنة تفسر المراد منه.. "٥.

وفي موضوع التعارض والتعادل والترجيح الذي هو ثمرة أصول الفقه ونقطة


١ سورة النساء آية: ٢٤.
٢ سورة النور آية: ٢.
٣ سورة البقرة آية: ٢٢٨.
٤ سورة البقرة آية: ١٠٦.
٥ مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب, ملحق المصنفات, ص٧٥-٧٦.

<<  <   >  >>