للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الارتكاز فيه، يلخص موقف ابن القيم في معضلة من معضلاته بتقرير الفاهم وأسلوب العالم فيقول: "قال ابن القيم في أعلام الموقعين: إذا قال الصحابي قولا فإما أن يخالفه صحابي آخر أو لا، فإن خالفه مثله لم يكن قول أحدهما حجة على الآخر، وإن خالفه أعلم منه كالخلفاء الراشدين أو بعضهم، فهل يكون الشق الذي فيه الخلفاء أو بعضهم حجة على الآخرين؟ فيه قولان للعلماء. هما روايتان عن أحمد، والصحيح أنه أرجح، فإن كان الأربعة في شق فلا شك أنه الصواب، وإن كان أكثرهم في شق، فالصواب فيه أغلب، وإن كانوا اثنين واثنين، فشق أبي بكر وعمر أقرب إلى الصواب، فإن اختلفا، فالصواب مع أبي بكر.."١. وقد استغرق هذا البحث خمسا وثلاثين صفحة، وقدم لإثباته والاستدلال له ستة وأربعين وجها. كما نفذ من هذا البحث إلى بحث الاحتجاج بفتوى التابعي٢.

النزعة المذهبية:

وهذا الجزء من البحث يقودنا إلى التعرف على موقفه من قضيتين هامتين هما: اختلاف المذاهب الفقهية أولا، والتقيد بها ثانيا.

والحقيقة المسلمة أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ينتمي إلى أسرة عريقة في المذهب الحنبلي؛ إذ غالب أفرادها من الفقهاء والقضاة الحنابلة، ولكنه يتميز عنها بأنه أضاف إلى حنبليته عنصراً جديداً: هو ما اكتسبه من دراسته وعكوفه على التراث العلمي لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، فأمدته بخصائص فكرية وفقهية خاصة برزت بنتائجها وآثارها على مواقفه من كثير من القضايا الفقهية.

وقبل التعرف على موقفه خاصة من تلك القضيتين اللتين كانتا ولا تزالان مثار جدل وخصومة يحسن أن نتعرف قبل ذلك على موقف سلفه أعني شيخ الإسلام ابن تيمية خاصة حتى يتضح مدى عمقها وتأثره بها في نفسه.

أما فيما يتصل بالقضية الأولى: اختلاف المذاهب الفقهية فقد ألف ابن تيمية كتاب


١ المصدر نفسه القسم الثاني (الفقه) , جـ٢ ص٥.
٢ المصدر نفسه, القسم الثاني (الفقه) , جـ٢ ص٣٥.

<<  <   >  >>