للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على أنه من الجلي الواضح في هذا الصدد ميله الكبير إلى اختيارات شيخ الإسلام تقي الدين، أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، ولم يمنعه إنصافه في كثير من الأحيان اختياره لآراء أخرى سواء في إطار المذهب الحنبلي أو المذاهب الأخرى، من ذلك اختياره تقديم بينة الداخل إذا تداعى خصمان والكل معه بينة في قوله: "إذا تداعيا عينا والكل معه بينة قدمت بينة الداخل لقول أهل المدينة"١. وفي السؤال عن جواز إخراج الجدد في الزكاة يجيب بقوله: "فهذه المسألة أنواع، أما إخراجها عن جدد مثلها فقد صرحوا بجوازه فقالوا: إذا زادت القيمة بالغش، أخرج ربع العشر مما قيمته كقيمته، وأما إخراج المغشوش عن الخالص مع تساوي القيمة كما ذكر في السؤال، فهذه هي التي ذكر بعض المتأخرين المنع منها، وبعضهم يجيز ذلك، وهو الصحيح، بدليل ما تقدم في إخراج القيمة أنه مجزئ فإن إخراج المغشوش يجيزه من لا يجيز القيمة، بل قال الشيخ تقي الدين، نصاب الأثمان هو المتعارف في كل زمن من خالص ومغشوش وصغير وكبير.."٢.

وغير هذا كثير منثور في كتبه الفقهية وفتاواه.

أما في مجال التأليف فإن السمة البارزة لنشاطاته في هذا المجال أنه عمد إلى مؤلفات هامة في موضوعها ذات اهتمامات خاصة في فروع علمية متعددة، لخصها وبسطها للقارئ لتكون سهلة التناول قريبة الفهم، ويهمنا هنا من هذه المؤلفات ما يقع في إطار الدراسات الفقهية.

وقع اختياره على تلخيص كتابين من أهم كتب المذهب الحنبلي هما كتاب "الشرح الكبير " من تأليف شمس الدين، أبي الفرج، عبد الرحمن ابن أبي عمر بن قدامة المقدسي، المتوفى سنة ٦٨٢، وكتاب "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" الأول منها مدونة واسعة في الفقه الحنبلي، يعني مؤلفه إلى ذكر اختلاف الآراء مع سرد الدليل لكل قول، والآخر يعرض لآراء الفقهاء الحنابلة عموما في المسائل التي بحثها.

ويلاحظ بشكل ملموس أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أعطى اهتماما خاصا لآراء


١ المصدر نفسه, ص١٢٨.
٢ المصدر نفسه, ص٩٦.

<<  <   >  >>