للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الكتاب، إذ عرضها بشكل بارز مميز دون غيرها، واختارها بالتدوين عن بقية الآراء تجسيدا لتقديره وقناعته بآرائه. كما تجلت نزعته الانتخابية بشكل بارز ودقيق في تلخيصه لموضوع أصولي هام وهو حجية قول الصحابي من كتاب أعلام الموقعين، وسنعرض بالدراسة والتحليل لهذين الكتابين في دراسة مؤلفاته الفقهية إن شاء الله. وكل هذه الاتجاهات والأعمال تدل بوضوح على عمق وأصالة هذه النزعة فيه.

المرونة الفقهية:

الفقه الإسلامي في حد ذاته نظام تشريعي كامل، يفترض سلوكا وتصرفات معينة وفق فلسفة تشريعية خاصة، وهو من قبل الأفراد التزام المسلم المكلف بسلوك وتصرف خاضع لأحكام الإباحة أو التحريم، أو الوجوب أو الندب أو الكراهة، وهذا هو مجال تباين الآراء، واختلاف الفقهاء. ومن ثم يقاس تفاوت أحكامهم وتباين آرائهم بما يتناسب والرؤية الاجتماعية لها يسرا وسهولة أو عنتا وصعوبة، فيحكم عليها بالمرونة أو التشدد. وقد لازم كلمة (فقه) و (فقيه) في العصور المتأخرة في أذهان العامة معنى التشدد والتزمت، كما أن كلمة (حنبلي) و (حنابلة) مفهوم التعصب والتزمت الديني في كامل معناه.

وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب كما هو فقيه فهو ينتمي إلى المذهب الحنبلي دما وفكرا ونضالا، وهي صفات تضفي على شخصيته كثيرا في تلك الظلال والانطباعات.

وإذا جاز أن ينطبق مثل هذا القول على العامة، فإنه لا يمكن أن يجد سبيله إلى أذهان المتعلمين والدارسين، فالدراسات العلمية كشفت عن مرونة فقهية تشريعية عند الحنابلة وبين علمائهم ما عز نظيرها عند غيرهم في المذاهب الأخرى.

جاء في كتاب (مصادر الحق في الفقه الإسلامي) العنوان التالي:

"المذهب الحنبلي أبعد المذاهب تطورا في تصحيح الشروط" ثم يستطرد بعد ذلك قائلا:

"ولعل أبعد تطور للفقه الإسلامي في مسألة اقتران الشرط بالعقد كان في مذهب

<<  <   >  >>