للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإمام أحمد بن حنبل لاسيما إذا استكملنا هذا المذهب بما أضافه إليه ابن تيمية، وهو من أكبر فقهائه.

فالمذهب الحنبلي كالمذهب المالكي تخطى مبدأ وحدة الصفقة، ولم يتقيد بهذا المبدأ كما تقيد به المذهبان الحنفي والشافعي، ومن ثم استطاع أن يسير أشواطا بعيدة في هذا التطور.

والحنابلة كالمالكية، الأصل عندهم في الشرط أن يكون صحيحا ويصح معه العقد، بل هم يسيرون في هذا الأصل إلى مدى أبعد من المالكية في تصحيح الشروط.. أما الجمع بين شرطين في العقد فممنوع في مذهب أحمد ... والشرطان المنهي عنهما الشرطان اللذان فيهما منفعة لأحد المتعاقدين دون أن يقتضيهما العقد أو يلائماه، بقول ابن تيمية: إن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة، ولا يحرم ويبطل منها إلا ما دل على تحريمه نص أو قياس عند من يقول به.."١.

إلى أن يقول: "ونرى من ذلك أن ابن تيمية لا يجعل الشرط فاسدا إلا إذا كان منافيا للمقصود من العقد، وهذا طبيعي، وإلا إذا كان مناقضا لشرع فيحل حراما، وهذا أشبه في الفقه الغربي بالشرط الذي يخالف القانون، أو النظام العام، ولم يعرض ابن تيمية لتحريم اجتماع الشرطين ولا لتحريم اجتماع البيعتين في بيعة أو اجتماع البيع والسلف ومن ثم يكون تطور الفقه الإسلامي في تصحيح الشروط قد وصل على يد ابن تيمية إلى غاية تقرب مما وصل إليه الفقه الغربي الحديث"٢.

والشيخ محمد بن عبد الوهاب ورث خصائص هذه المدرسة في قمه تطورها فكرا والمتمثلة في تفكير شيخ الإسلام ابن تيمية.

وتبدو مظاهر المرونة الفقهية واضحة عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب في جانبين رئيسيين:

الأول: موقفه من آراء مخالفيه في الفروع.

الثاني: مسائل الأحكام والفتاوى.


١ عبد الرزاق السنهوري, مصادر الحق في الفقه الإسلامي, الطبعة الثالثة (جامعة الدول العربية: معهد البحوث والدراسات العربية ١٩٦٧ , ج٣ , ص١٦١,١٦٦.
٢ المصدر نفسه, جـ٣, ص١٧٢.

<<  <   >  >>