للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكل هذه الحقائق تثبت أن (الحنبلية الفقهية) عنوان المرونة ومظهر مشرف على اتساع الأفق الفقهي وتطوره. هذه جملة من أبرز خصائص التفكير لمدرسة شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الفقهية، وهي تبدو منسجمة متوافقة، ففيها المذهبية المعتدلة وفيها الإنصاف والتقدير الكامل لتراث السلف في غير ما إفراط أو تفريط وهي المدرسة التي أعجب بها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وانصهر في بوتقتها، وكان لها أكبر الأثر على أعماله الفكرية، وهو ما نحاول تبيينه في الدراسة التالية.

مؤلفاته الفقهية:

"مختصر الإنصاف والشرح الكبير": يعتبر هذا الكتاب أكبر مؤلف بين مؤلفاته الفقهية، وهو يستدعي وقفة خاصة ودراسة موضوعية لاستخراج بعض الحقائق التي تهمنا في موضوع هذا البحث. إن النسخة المطبوعة التي قامت جامعة الإمام محمد بن سعود بضمها إلى مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، جاءت خلوا من مقدمة الكتاب أو خطبة الكتاب، وهي التي عادة ما يوضح فيها المؤلف الباعث على تأليفه، والمنهج الذي يسير عليه والتعريف بالمصطلحات المدونة في ثناياه.

اعتمد المحققون في طبع هذه النسخة على نسختين، نسخة مطبوعة بالمطبعة السلفية بمصر، وأخرى مخطوطة بالمكتبة السعودية بالرياض برقم ٤٦٥/٨٦.

وبخلو هذا الكتاب عن جزء هام فيه يترك المجال مفتوحا للباحثين لتلمس أهداف وتبين منهج المؤلف استنتاجا أو استقراء، وقد أثبت المحققون لهذا الكتاب العبارة التي وجدوها مدونة على غلاف النسخة المخطوطة بالمكتبة السعودية وهي كالتالي:

"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا منقول من الشرح الكبير والإنصاف أول كل باب من الشرح وآخر كل باب من الإنصاف ... "١.

ويذكر المحققون في مقدمة الكتاب أن مؤلفات الشيخ رحمه الله على قسمين: منها ما ألفه ابتداء، ومنها ما اختصره من أصوله المطولة لتيسير الانتفاع به، وقد اتجهت الرغبة منه- رحمه الله- إلى اختصار كتابين من أشهر وأوسع ما صنفت في الفقه الحنبلي لما رأى


١ مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب القسم الثاني (الفقه) جـ١ ,ص٥.

<<  <   >  >>