للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في زمنه من الحاجة لذلك هذا الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومؤلفه الفقيه علاء الدين علي بن سلمان المرداوي الحنبلي (٨١٧- ٨٨٥ هـ) .

والثاني: الشرح الكبير، ومؤلفه شمس الدين، أبو الفرج، عبد الرحمن ابن أبي عمر بن قدامة، المقدسي (٥٩٧- ٦٨٢ هـ) . وتم ما أراده رحمه الله بمختصر لطيف بدأ كل باب منه بما اختاره من الشرح وختمه بما استدركه من الإنصاف١.

إن هذين الكتابين يمثل كل واحد منهما مرحلة معينة في تطور المذهب الحنبلي حتى وصل إلى ما وصل إليه عند المتأخرين. أما كتاب الشرح الكبير فهو شرح لكتاب المقنع، من تأليف موفق الدين أبي عبد الله محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة (٥٤١- ٦٢٠ هـ) . وقد ذكر المؤلف في مقدمته بأنه اعتمد في جمعه على كتاب المغني من تأليف موفق الدين ابن قدامة السابق، وزاد فيه من غيره ما لم يجده فيه من الفروع والروايات، ولم يترك من كتاب المغني إلا شيئا يسيرا.

والمعروف أن كتاب المغني كتاب حجة واستدلال، وهو موسوعة في أقوال أئمة السلف وعلماء الأمصار أصحاب المذاهب المختلفة ومسائل الإجماع، نحا فيه مؤلفه منحى المجتهدين في اتباع الدليل، فمن ثم جاء بكتاب الشرح صورة كاملة لكافة ملامح ومميزات كتاب المغني، وسلك في معالجة المسائل والبحوث الفقهية مسلك عمه الموفق في كتاب المغنى، فهو يذكر المسألة من المقنع فيجعلها كالترجمة، ثم يذكر مذهب الموافق فيها والمخالف لها ويذكر ما لكل من دليله ثم يستدل ويعلل للمختار، ويزيف دليل المخالف، فمسلكه مسلك الاجتهاد إلا أنه اجتهاد مقيد في مذهب أحمد"٢.

وهو معدود في طبقة المتوسطين من الحنابلة. أما كتاب الإنصاف لأبي سليمان المرداوي فهو أيضا شرح لكتاب المقنع، ضم بين دفتيه كل ما قيل في المذهب الحنبلي من أقوال ووجوه وروايات، ثم بين فيه الصحيح من المذهب والراجح من الأقوال دون التعرض للدليل، وقد بين في مقدمة الكتاب المصادر الفقهية التي اعتمدها والمنهج الذي سلكه في الترجيح بشكل مفصل مفيد. ومما جاء في هذا قوله:


١ المصدر نفسه, جـ١ , ص٤.
٢ عبد القادر بن بدران, المدخل إلى مذهب الإمام أحمد (مصر إدارة الطباعة المنيرية) ص٢٢٢.

<<  <   >  >>