التفسير والحديث والعقائد، فكان يعتني بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، ويكثر من مطالعة كتبهما.. ولما آب الشيخ من رحلته الطويلة وراء العلم والتحصيل لازم أباه واشتغل عليه في علم التفسير والحديث وغيرهما، وعكف على كتب الشيخين؛ شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم رحمهما الله، فزادته تلك الكتب القيمة علما ونوراً وبصيرة، ونفخت فيه روح العزيمة، ورأى الشيخ بثاقب نظره ما بنجد وبالأقطار التي رحل إليها من العقائد الضالة والعادات الفاسدة، فصمم على القيام بالدعوة"١.
٣. وممن يذهبون إلى أن لرحلة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى البلاد الحجازية والبصرة دورا كبيرا في دعوته الاصلإحية، وأن احتكاكه بالعلماء السلفيين في مكة المكرمة والمدينة المنورة والبصرة أثر في اتجاهه العلمي؛ إذ أثار فيه نوازع الصلاح الديني والاجتماعي، فعاد إلى بلاده وهو ممتلئ حماسا لإعادة أهل بلاده إلى الدين الإسلامي الصحيح، وكان هذا أحد الآثار المباركة لارتحاله خارج نجد. وممن تبنى هذا الموقف الدكتور عبد الله صالح العثيمين إذ يقول في هذا الصدد:
"وبالرغم من أن محمد بن عبد الوهاب كان قد حضر - بدون شك - دروس عدة من العلماء في المسجد النبوي، فإن صلته بالشيخين عبد الله بن سيف ومحمد حياة كانت أوثق من صلته بسواهما من العلماء، وكان لهذين العالمين الجليلين أثر كبير على الشيخ محمد لا بالنسبة لتحصيله العلمي فقط، إنما بالنسبة لاتجاهه الإصلاحي أيضا، وقد أتت صلته بهما في مرحلة من مراحل عمره القابلة للتأثر والتوجيه، وكانت معرفته بابن سيف أسبق من معرفته بالسندي، وإن كان تأثير هذا الأخير عليه أعمق- فيما يبدو- من الأول.
وكان ابن سيف عالما بالفقه الحنبلي والحديث الشريف، وقد أجاز محمد بن عبد الوهاب في كل ما حواه ثبت الشيخ عبد الباقي أبي المواهب الحنبلي قراءة وتعلما وتعليما، وكان من المعجبين بالإمام المشهور ابن تيمية، ولا شك أنه شجع تلميذه على قراءة كتب هذا العالم الجليل، وكان أيضا مدركا للحالة التي وصلت إليها الأوضاع في نجد من الناحيتين الدينية والاجتماعية، وكان يرى أن إصلاحها لا يتم إلا بالتعليم.
(م) الشيخ محمد بن عبد الوهاب - عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه (مكة المكرمة. مطبعة الحكومة, ١٣٩٥) ص١٥، ١٨.