للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما محمد حياة السندي فكان حجة في الحديث وعلومه، وصاحب مؤلفات مشهورة في هذا الحقل، وكان أستاذا لعدد من الطلاب الذين أصبح بعضهم دعاة إصلاح أو شخصيات علمية مشهورة في مناطق إسلامية مختلفة، وكان من المعارضين للتعصب للمذاهب الفقهية، ومن الداعين للاجتهاد في ميدان الشريعة، وبالإضافة إلى ذلك كان من أشد المحاربين للبدع في الدين والأعمال التي قد تؤدي إلى الشرك ... " ويستمر الدكتور العثيمين في تأكيده هذه النقطة فيقول:

"وحين اقتنع الشيخ محمد بكفاية المدة التي قضاها متعلما في المدينة، عاد إلى العيينة، ومن الممكن ملاحظة أمور كان لها تأثير في نفسه في أثناء إقامته في المدينة، منها: المناخ التعليمي الذي كان حافزا على الدراسة ومهيئا لمعرفة أنواع من العلوم، ومنها: بدؤه قراءة كتب ابن تيمية المهمة وتتلمذه على محمد حياة السندي المحارب للبدع والتعصب المذهبي والداعي إلى الاجتهاد، وكان ذلك في مرحلة هامة من مراحل تكوينه الفكري"١.

والذي يبدو أن هذا التضارب بين الروايات السابقة هو نتيجة الاجتهاد الفردي حول هذه النقطة، دون أن يؤيد أحد من أولئك الكتاب والمؤرخين ما دونه بشيء من التوثيق العلمي التاريخي.

إلا أنه من الممكن اعتبار ما كتبه المؤرخ عثمان بن بشر الرواية المعتمدة الموثقة لاعتبارات متعددة أهمها:

أنه أقدم المصادر التاريخية وأقربها تاريخا لحياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حتى قيل عن تاريخه بـ "أنه المصدر الوحيد لما وقع في نجد من الحوادث منذ فجر النهضة الإصلاحية وظهور الدعوة السلفية إلى ما قبل وفاة الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله ابن محمد بن سعود بخمس عشرة سنة"٢ أي من سنة ألف ومائة وثمان وخمسين من الهجرة إلى سنة ألف ومائتين وسبع وستين، كما أنه اعتنى في سوابقه بذكر حوادث ما قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من منتصف القرن التاسع الهجري إلى نهاية سنة ألف ومائة وست وخمسين من الهجرة٣. فهو كتاب متخصص ووثيقة تاريخية صحيحة


١ الشيخ محمد بن عبد الوهاب, حياته وفكره (الرياض: دار العلوم) ص٣٣,٣٤,٣٥.
٢ عنوان المجد تحقيق عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ, جـ١ , ص٧.
٣ انظر المصدر نفسه جـ١ , ص٢.

<<  <   >  >>