للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرتفعون بمقامات الأولياء وصانعي الكرامات وخوارق العادات إلى أماكن من التقديس لا تقبل جدالا.

ووجدت فرقة الراوندية من فكرة تقديس الأولياء طريقها إلى القول بوجوب عبادة الخلفاء كما يعبد الآلهة، وأوجبوا أن يعد بلاط الخليفة كعبة جديدة.

وإذا وزعهم الخلفاء وطردوهم وجب أن يعودوا إلى الظهور والتجمع ليعبدوهم على الرغم منهم. وما هذه إلا نزعة إلى سنة العبودية التي سادت جميع الأجيال.

وقالت طائفة بالإمام أو الولي المعصوم; وجعلت النبي المرسل الذي هو أعلى وسيط بشري بين الله وعباده أدنى درجة من الإمام أو الولي، لأنهم بينما قالوا إن قدرة النبي في تلقي الوحي فحسب قالوا إن الإمام الولي يتلقى الوحي ويبرز في الحكمة النظرية.

وكان هذا هو مذهب السهروردي المقتول، فأصلاه تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية نارا محرقة أتت عليه فجعلته كالرميم١.

وخرجت بعض الطوائف إلى نوع من التأويل سموه باطنيا، فأولوا الصلوات الخمس بأسماء أشخاص إذا ذكرها المصلي أغنت عن الصلاة والطهارة، وأولوا أيام الصيام الثلاثين بأسماء عددها من الأشخاص، ثم قالوا بقدم العالم وتناسخ الأرواح ليخلصوا من ذلك إلى إنكار البعث والنشور وتكذيب الثواب والعقاب٢.

ومن هذا وما هو أكثر منه وأشنع يبدو تاريخ هؤلاء الناس وكأنهم أصبحوا بلا عقل ولا دين، وربما كان جائزا للقبائل والأمم أن تفعله في جاهليتها قبل الإسلام لأنه لم يكن لها شرع يحرمه، أما وقد حرمه


١ - انظر الحوار في الإمام المعصوم بالقسطاس المستقيم - هياكل النور: المقدمة: ١٢.
٢ - كتاب السلوك الجزء الثاني, القسم الثالث: ٩٤٢.

<<  <   >  >>