الإسلام فالرجوع إليه ردة تستوجب حربا أشد من وجوبها ضد قبائل الجاهلية أو ضد مانعي الزكاة في الإسلام، إذ لا يوصف المرتد عن الزكاة بأنه مشرك من حيث يوصف المرتد إلى تقديس الأجداث بالإشراك.
وقد أثر هذا التفرق والتخليط في الآراء على وحدة الأمة الإسلامية المشدودة إلى وحدة الاتجاه إلى القبلة عند كل صلاة. ولو كانت وحدة استقبال الكعبة تعد أهم رمز عملي إسلامي لوجوب التوحد في كل شيء فإن الانقسام إلى فرق وآراء وأوطان وقبائل عاد تفريقا للوحدة وتهوينا من شأن الرمز الموجب أن يكون الاتجاه إلى ناحية واحدة مهما اختلفت البقاع وتوزعت القلوب.
وتمزق القبائل في الجزيرة العربية التي خرجت منها أول إشارة برمز التوحيد ما بين إبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام- كان أكبر دلالة على بلوغ التمزق غاية مداه في أرض التوحيد.
ابتداع الطقوس:
وبحسب الأفكار التي تأصلت وثبتت قامت عادات ورسخت تقاليد، فمن آثر العقل وحده كالفلاسفة جعل العبادة للعقل وحده، ومن خاف النفس البشرية كالمتصوفة أدخلها إلى حبس بالغ الضيق وأثقلها بالقيود والتكاليف، ولم يبق رحيما بالعقل والنفس إلا الشريعة التي أخرجتهما كليهما من الضيق ومن الشرود.
وكانت الشريعة الإسلامية قد محت كل الطقوس الدينية الفاسدة من الجزيرة ومن البلاد التي فتحها المسلمون وأنقذت حياة العقل المطمورة في دياجير من مشاعر الأوهام، وخلصت البشر من همجية النفسية الأولى حين ضربت بالخرافات والأساطير وشعوذة السحر عرض الحائط،