للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربحه مضاربة، وكان ذلك في مجلس من الشهود أشاروا عليه جميعا أن يقبل فأبى قائلا: إن أنا اشتغلت بالتجارة بقيت بأسر الذل والطمع وفاتني فراغ البال في تحصيل العلم والعمل.

والرزاق سبحانه يهيئ الرزق، فلست ساعيا بوجه من الوجوه يشغلني عنه ويلهيني١.

ويبدو أن سليمان بن راشد وشهود مجلسه أيقنوا من صفات الفتى التي رأوها من صدق ظاهره وباطنه أن تجارته ستربح وأن ربحه مضمون، كما يبدو أن الفتى النجدي لم يرفض التجارة ويحرمها إلا أن تصبح له حرفة دائمة تشغله عما سواها.

أما أن يكون له شيء من زرع أو ضرع يبيعه دون احتراف فهذا الذي كان فيه وقد أغناه عن أن يحترف لطلب المال.

وكثيرون من أهل نجد كانت حرفتهم التجارة والسفر والإبعاد بها مهما طالت بهم الأسفار.

وكان هذا الاحتراف من الكثرة أمرا مؤثرا معديا، بل ليس هناك ما يعدي بالفتنة أكثر منه، ولكن الفتى صان نفسه عن الداء فاستشفى برزق أهل بيته وما هو فيه من رخاء البال.

حتى إذ اكتمل شبابه تزوج ورزق وشيكا بابنين وابنتين ثم لم ينصرف عن التحصيل ما استطاع إلى ذلك سبيلا، مفضلا الكتاب الكريم، وما ثبت من الصحيح، ولا سيما ما كان من شيوخ الحنابلة وابن تيمية وابن القيم وتأثر بهم إلى حد كبير٢.

ثم التفت عن كتبه التي يقرؤها إلى الواقع من حوله فإنه كتاب أفصح منطقا وأبلغ تأثيرا، فرأى اليمامة قد ضمرت من ستة آلاف بيت وأكثر


١ - لمع الشهاب: ٢٥.
٢ - محمد بن عبد الوهاب (أ) : ص ٦٢.

<<  <   >  >>