إلى ثلثمائة بيت فأقل، فقرأ في تاريخها القريب أنها منيت بالظلم والجور فتردت من الرواج إلى الإفلاس ومن هناءة العيش إلى كدره ومشقته، ورأى على هذا المنحدر من تاريخ اليمامة كيف تمزق الناس أشلاء من فرق وقبائل، وكيف لم يبق في القلوب إلا إضمار الشر واحتدام العداء والاختلاف والنفاق.
دراسته ورحلاته:
وكان محمد بن عبد الوهاب كلما سار نحو الاكتمال ازداد ولعه بالعلم والمبالغة في تحصيله، فحرص على أن يطلبه في كل مظنة يستطيع الوصول إليها دون أن يمنعه مانع، وفي محيط بلاده التي يعيش فيها.
وحان له أن يؤدى فريضة الحج فقصد إلى البلد الحرام، وجعل من موسم الحج ما جعله الأئمة الأعلام من قبله في عصور ازدهار الإسلام، وكانوا يتخذونه أوسع رحبة يلتقون فيها ويتشاورون، وتتلاقى قلوبهم وآمالهم، ثم يعود كل فائز منهم بما حمل من علم وفقه إلى بلده ليشعل فيها مصباحا من نور جديد.
ولم يكن البلد الحرام يخلو من فقهاء أجلاء قد أقاموا به من أهله ومن غير أهله، ثم في الموسم من الوافدين عليه من أقطار المسلمين.
وبنُزُوله إلى مكة وزيارته لفقهائها أو زيارتهم له أعاد إليها ما كان يموج فيها من حياة العلم الديني إذا قدم عليها أمثال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين من العراق وعبد الرزاق بن همام الصنعاني من اليمن ومهنا بن