قبل أن نبين بطلان دعاوى المستشرقين، نشير إلى أمر مهم، وهو:
أن المستشرقين ادعوا لأنفسهم وادعي لهم أنهم أهل تحقيق وأهل تدقيق وتمحيص، وأنهم يبغون الحقيقة العلمية لا غير، وقد بحثوا ودققوا في حال النبي صلي الله عليه وسلم وسيرته ودعوته وكتابه وشريعته، ولا شك أن كل مطلع على ذلك سيصل إذا سلم من الهوى والحسد والحقد إلى حقيقة أن الرسول صلي الله عليه وسلم مرسل من عند الله، وأن ما جاء به من عند الله هو الحق، ويدرك أن الدلائل الدالة على ذلك في الإسلام لا يوجد عند أصحاب الأديان الأخرى ولا عشرها. واي دارس للأديان يدرك ذلك ويعلمه يقيناً.
وأولئك المستشرقون إما يهود أو نصارى يؤمنون بديانتهم، ويعتقدون صحتها، فإذا ما قورنت الدلائل الدالة على صدق وصحة الإسلام، بالدلائل الدالة على اليهودية أو النصرانية فسترجح كفة الإسلام، بكيفية لا تقارن بها اليهودية والنصرانية.
فمن هنا أقول: إن المستشرقين قد اطلعوا على دلائل الصدق والصحة في الإسلام وعرفوها وتيقنوها، فصاروا بين أمرين:
إما أن يقبلوا ويصدقوا النبي صلي الله عليه وسلم بأنه رسول الله، وأن ما جاء به الحق، وهذا يلزمهم بالإيمان به وإتباعه، لأنه صرح بأنه رسول إلى الناس كافة، وأنه لا نجاة لأحد بعد بعثته إلا بالإيمان به، وأن اليهودية والنصرانية كفر وضلال.
وإما أن يكذبوه ويردوا دعوته، ولكن كيف ذلك؟ وهم يدعون أنهم يبغون الحقيقة، وأنهم أهل العلم، فلم يجدوا بداً من التكذيب، والرد لدعوته،