للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال د. محمد دراز "لم يبق الآن مجال للشك في أن القدامى من علماء اليونان وفلاسفتهم تخرجوا في مدرسة الحضارات الشرقية، والحضارة المصرية بوجه أخص ١. وليس معنى هذا أن الإغريق (اليونان) كانوا بمثابة أوعية مصمتة نقلت علوم الشرق ومعارفه نقلاً حرفياً، فذلك ما لا يستسيغه عقل، ولم يقم عليه دليل من صحيح النقل، ولكن المعنى أنهم لم ينشئوا هذه العلوم إنشاءاً على غير مثال سابق كما ظنه بعضهم، بل وجدوا مادتها في الشرق فاقتبسوا منها وأفادوا كثيراً. وإن قدماء اليونان أنفسهم يذهبون إلى الإعتراف بهذه التلمذة إلى القول بأن عظماءهم أمثال فيثاغورس ٢ وأفلاطون٣ مدينون بأرقى نظرياتهم إلى المدرسة المصرية، والناقدون المحدثون وإن استبعدوا حصول نقل حرفي لهذه النظريات، لم يسعهم إلا التسليم بتبعية هؤلاء الفلاسفة في الدين والأخلاق، للنظريات المصرية٤ ".


١ يؤكد العديد من الباحثين من بداية القرن العشرين أن الفلسفة اليونانية اقتبست مادتها من الفلسفة الشرقية، وخاصة المصرية، ومن هؤلاء: "ذيوجانس اللائرسي" و"أبل ريه"،وغيرهم. ويستدلون لذلك بأشياء عديدة من أهمها: أن طاليس الملطي الذي اشتهر بأنه منشىء الفلسفة اليونانية كان قد جمع علوم البابليين والمصريين، إضافة إلى أن أفلاطون وفيثاغورس قد زارا مصر واستفادا من علومها. انظر في ذلك:موسوعة الفلسفة١/٤١١،٢/١٨٣، الموسوعة الفلسفية ص ٢٧٨، بحوث مقارنات في تاريخ العلم وتاريخ الفلسفة لعمر فروخ ص٦٢، الدين المقارن " بحث في سائر الديانات العالمية" ص١٠٣-١٠٩.
٢ فيثاغورس فيلسوف ورياضي يوناني. عاش مع أتباعه حياة مشتركة في الزهد، يقول بتناسخ الأرواح عاش في القرن ٦ ق. م. انظر المنجد في الإعلام ص٥٣٥.
٣ أفلاطون: من كبار فلاسفة اليونان وهو تلميذ سقراط ومعلم أرسطو توفي سنة ٣٤٧ق. م. المنجد في الإعلام ص٥٥.
٤ الدين، محمد عبد الله دراز، ص١١.

<<  <   >  >>