للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً: بيان أن التوحيد سبق الشرك:

قد تقدم بيان أنه لم توجد أمة من الأمم إلا وكان لها دين تدين به، وعبادة تلتزم بها، كما تقدم بأن الأديان نوعان: دين التوحيد وهو سماوي، وأديان وضعية شركية.

وقد زعم الملحدون: أن الشرك كان أسبق في الوجود على الأرض من التوحيد، وهو قول مبني على إنكارهم للخالق جل وعلا، وزعمهم أن الإنسان إنما وجد من الطبيعة حيث كان أميبا ١، ثم تطور بفعل الرطوبة حتى وصل بعد أزمان عديدة إلى صورة القرد، ثم تطور فصار القرد إنساناً ٢، فزعموا أن هذا الإنسان وكان في ذلك الوقت في طور الطفولة البشرية أخذ يبحث عن إله يعبده، فتوجه إلى عبادة الأباء والأجداد، والأشجار، والحيوانات الضخمة، والشمس، والقمر، إلى غير ذلك من الأشياء التي يستعظمها في نفسه، ثم بدأ هذا الإنسان يتطور في عقله وأحاسيسه، فبدأ يتخلى عن كثير من الآلهة التي كان يعبدها حتى توصل في عهد الفراعنة إلى التوحيد، ولا يعني ذلك عندهم عبادة الله وحده لا شريك له، وإنما عبادة إله واحد وهو "رع" في زعمهم الذي يرمز له بقرص الشمس.

ظاهر من هذا القول أن أصحابه يزعمون أن الأديان من صنع البشر وليست من قبل الله عز وجل،


١ أميبا أو أميبه. حيوان أولى يتكون من خلية دقيقة ذات نواة وليس لها جدار، شكلها غير ثابت، ويتغير تبعاً لامتداد الأقدام الكاذبة وانكماشها. انظر: الصحاح في اللغة والعلوم ص ٣٩ بتصرف.
٢ انظر مذهب النشوء والارتقاء - منيرة الغاياتي ص١٢، أيهما هو الصحيح الخلق أم النشوء د. و. ى أوانيل ص٧، ما أصل الإنسان - د. موريس بوكاي ص٣٠.

<<  <   >  >>