٢ يزعم بعض النصارى أن المسيح لم ينزل عليه شيء ولم يترك كتاباً مكتوباً، وذكروا أن الأناجيل كان مبدؤها من الأجيال اللاحقة للمسيح، وذكروا أن المراد بالإنجيل في كتبهم هو إعلان مجد الله الذي هو في زعمهم تجسد المسيح - انظر المدخل إلى العهد الجديد ص ٧٦-٧٨، أديان العالم ص٢٥٧. وهذا منهم ذر للرماد في العيون من أن تبصر الحقيقة، وهي أن النصارى ضيعوا الإنجيل الأصلي، واستبدلوه بأناجيل فيها شيء من الحق وكثير من الباطل، فهل من المعقول أن يترك المسيح أتباعه بدون أن يسلمهم تعاليم يهتدون بها وهم في وسط ذلك الوضع الذي كانوا فيه بين اليهود الحاقدين المعاندين وبين الرومان وغيرهم من الوثنيين الجاهلين، ثم إن ما تدعيه النصرانية في المسيح عليه السلام من الدعاوى يحتاج إلى أدلة كتابية من صاحب الدعوى نفسه لا من غيره، لأن المؤمنين إنما يؤمنون بكلام النبي الذي يثقون به لا كلام غيره من الناس، إذ أن غيره قد يفهم عنه خطأً أو يهم أو ينسى أو غير ذلك من العوارض البشرية، كما أن معنى ذلك أن تلاميذ المسيح أو تلاميذ تلاميذه أصح من المسيح رأياً وانصح منه للخلق إذ كتبوا ودونوا واهتموا بالكتابة حتى يمكن لتعاليمه أن تنتشر لأنه بدون الكتابة لا يمكن لديانة أن تنتشر وتظهر، فهل يليق أن يقال ذلك عن المسيح الذي هو في زعمهم رب وإله؟!