قبل الحديث عن تاريخ الأناجيل الأربعة لدى النصارى لابد من بيان: أن الكتب الدينية لها مكانة عظيمة لدى أتباعها، ولها دور خطير في الحياة، إذ يعتمد عليها في توضيح الطريق إلى سعادة الدنيا وفوز الآخرة. فلهذا يجب أن تكون الكتب ثابتة الإسناد إلى أصحابها الذين هم رسل الله والمبلغون عن الله عز وجل، فإذا لم تكن كذلك فإنها تفقد قيمتها، إذ تكون عرضة للتحريف والتبديل من قبل أصحاب الأهواء والمقاصد الخبيثة، أو من قبل العوارض البشرية كالنسيان، وقلة العلم، والوهم ونحو ذلك.
فصحة الإسناد بعدالة رواة الأخبار وضبطهم وعدم انقطاعه هو السبيل الذي يمكن به وصول هذه الكتب إلى الناس سليمة صحيحة كاملة، فيتعرف الناس على الحق من خلالها.
وإذا نظرنا في كتب الحديث عند أهل الإسلام والتي تتضمن أقوال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريرا ته وجميع ما يتعلق به، عرفنا الجهد العظيم الذي بذله أولئك الأئمة في المحافظة على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سليماً صحيحاً، حيث يستطيع المسلم في القرن الخامس عشر الهجري أن يعرف صحة الحديث من عدمها.
وإذا بحثنا في التاريخ لدى النصارى عن إسناد لهذه الأناجيل إلى من تنسب إليه لا نجد من ذلك شيئاً البتة لا قليلاً ولا كثيراً. ورسائل بولس وكذلك الرسائل الأخرى وأعمال الرسل ليس في شيء منها إشارة إلى واحد من هذه الكتب الأربعة، الأمر الذي يترتب عليه أن هذه الكتب لم تكن معروفة