للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقسوس إلى كنائسهم وبدأ كل منهم يعلم ما كان يعلم به قبلا١ بل إن البعض تطرف في الهرطقه التي فاقت هرطقة " آريوس" نفسه. فمع أن "آريوس" وبعض أتباعه نُفُوا إلا أن الآريوسيه بنت عشها في حدائق كثيرين من الأساقفه والرعاة٢".

ولما كان قرار نيقية بألوهية المسيح فرض بقوة السلطان فإن السلطان وهو الإمبراطور رجع فيما بعد عنه وأمر بعقد مجمع صور سنة ٣٣٤م وقرر فيه إعادة "آريوس" إلى الكنيسة، وخلع "أثنا سيوس" أسقف الإسكندرية، أحد أكبر المدافعين عن عقيدة ألوهية المسيح، كما أن الإمبراطور نفسه قد عُمِّد وهو على فراش الموت على مذهب "آريوس" حيث عمده الأسقف "أوسابيوس النيقوميدي" أكبر أنصار آريوس٣.

وهكذا يتبين أن هذا المجمع الذي يعد من أخطر المجامع كان ألعوبة بيد الإمبراطور الذي كان وثنياً ولم يكن من أهل تلك الملة وقت ترأسه ذلك المجمع، كما أن المجتمعين لم يكونوا يعتمدون على نصوص متفق عليها مقبولة لدى الجميع وإلا لتم الإذعان لمدلولها، وإنما كانوا يعتمدون على تصوراتهم أو تصورات أمثالهم من الناس فلهذا وقع الإعراض عنها بعد عودتهم إلى كنائسهم.


١ هذا يدلنا على أن المجتمعين في نيقية لم تقدم لهم أدلة مقنعة لتلك المقولة الغريبة، وهم وإن استطاعوا أن يظهروا بظهر الموافق في المجمع، فإنهم لم يستطيعوا أن يظهروا بذلك المظهر أمام أتباعهم وجماعتهم كما أنهم لم يستطيعوا أن يظهروا تلك المقولة ويشرحوها فأعرضوا عنها وعادوا لما كانوا يعرفون ويعلمون وتركوا ما يجهلون وينكرون.
٢ تاريخ الفكر المسيحي ص٦٤٣.
٣ انظر: تاريخ الفكر المسيحي (١/٦٥٠) ، وتاريخ الكنيسة (٣/٥٩) .

<<  <   >  >>