للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قدمت الشياطين على الآباء لأن الشياطين هي المؤثر الخارجي الأول في انحراف الآباء أنفسهم.

٣- الغفلة: وهي المؤثر الثالث في انحراف هذه الفطرة كما دلت على ذلك آية سورة الأعراف.

ولسائل أن يسأل: ما هي فائدة الفطرة وهي على هذه الحال من الضعف١ حيث تتأثر بهذه المؤثرات الخارجية التي تؤدي إلى انحرافها، ولا يكاد الإنسان ينفك عن واحد من هذه المؤثرات والصوارف، أو كلها؟

والجواب عن ذلك أن يقال: إن حكمة الله اقتضت جعل الفطرة بهذه الحال ليتحقق الغرض من ابتلاء الإنسان بالخير والشر ومن ثم جزاؤه على عمله، إذ لو كانت الفطرة قوية لا تتأثر بشيء لما وقع الكفر والإنحراف في بني آدم، بل صاروا غير قابلين للكفر فلا يتحقق الإبتلاء، ولله الحكمة البالغة.

ومع ذلك فإن لهذه الفطرة فوائد عديدة منها:

أولاً: أن هذه الفطرة غرزت في النفس البشرية التدين والتعبد لله تعالى، فإذا لم يهتد الإنسان إلى الله عز وجل فإنه يُعبد نفسه لأي معبود آخر ليشبع في ذلك نهمته إلى التدين، وذلك كمن استبد به الجوع فإنه إذا لم يجد الطعام


١ يلاحظ أن الإنسان مفطور على أشياء كثيرة جداً منها ما ذكره الله عز وجل في قوله {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ... } آل عمران آيه (١٤) ومنها أنه مجبول على حب الطعام الطيب والماء العذب، والنفرة من الطعوم والروائح الخبيثة، وحب من أحسن إليه، وكره من أساء إليه وأشياء عديدة، وهي فطرة قوية ليس من السهل تغييرها أو تبديلها وذلك لأنه لا يتعلق بها إبتلاء أو امتحان بل يتعلق بها أمور عديدة منها أن بها قوام الإنسان وصلاح معاشه وحياته.

<<  <   >  >>