للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل يحتاج إلى قوة داعمة ومناصرة لترسخ العقيدة في النفوس، ويتمكن الدعاة من نشرها بين الناس، وإلا فإن عقائد الناس وعباداتهم القديمة تطغى على الدعوة الجديدة، وقد تصبغها بصبغتها، وكذلك أعداء الأديان من أصحاب الأهواء والنفعيين فإنهم يجدون أرضية مناسبة لبث أرائهم وأهوائهم في الأديان، كما أن الجهل بالدين الصحيح في كثير من الأحيان مع النية الصالحة في العمل قد تدفع الإنسان إلى استحسان أمور وادعاء أمور أنها من الدين وهي ليست منه.

فهذه الأمور وغيرها تطفو على السطح وتظهر في حالة الاضطهاد وعدم الأمن، وإذا نظرنا إلى تاريخ النصرانية نجد أنه في فترة الاضطهاد شاع بينهم ما يسمونه بـ "الهرطقة" وهي التعاليم المخالفة لما عليه النصارى، كما كثرت الكتب والرسائل المنسوبة إلى دعاة النصارى الأوائل١.

واستمر وجود تلك البدع والكتب إلى أن جاء قسطنطين وسعى إلى توحيد النصارى بدعوته إلى مجمع نيقية سنة ٣٢٥م، إلا أنه وحدَّهم على إحدى تلك البدع، وهي بدعة بولس، فمما لا شك فيه أن ذلك كله كان عاملاً من العوامل التي تسببت في انحراف النصرانية عن الدين الحق الذي جاء به المسيح عيسى عليه السلام.


١ من هذه "الهرطقات" البدع التي انتشرت في ذلك الوقت الدوستية - الغنوسية- المارسيونية- المونتانية وسبق الإشارة إليها في تاريخ النصرانية. ومن هذه الكتب والرسائل - التي انتشرت في تلك الحقبة- إنجيل بطرس، إنجيل توما، إنجيل فيلبس، إنجيل الحق، إنجيل المصريين، ورسالة كورنثوس الثالثة، ورسالة تيطس، ورسالة اللاودكيين، ورؤيا بطرس، ورؤيا بولس، ورؤيا توما، إلى غير ذلك من الكتب العديدة. انظر كتاب تاريخ الكنيسة جون لوريمر ص١/٨٩-١٥١تاريخ المسيحية حبيب سعيد ١/٤٦-٦٢.

<<  <   >  >>