وقد وصف الله جماعات المسلمين وأفرادها بأنهم هم المفلحون اختصاصا وتأكيدا، ولهم درجات عليا وذلك بورود اسم الإشارة "أولئك" لأنهم يدعون إلى الخير ويأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر، فإذا تم لهم ذلك فهم "أمة الوسط " و"أمة الشهادة " على الناس جميعا، وسيكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم شهيدا. وهكذا نرى هذه الآيات الثلاث متناسقة يترتب بعضها على بعض: فالأولى تبين أن هذه الأمة كانت خير أمة أخرجت للناس في علم الله أو في اللوح المحفوظ، والثانية: أن على هذه الأمة أن تعمل وتصنع من نفسها ما هو المطلوب منها: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ}(١) . وثمرة ذلك استحقاقها أن تكون أمة الشهادة على الناس. ولا تستحق ذلك إلا إذا تحققت فيها شروط الشهادة وأهمها: العلم والعدالة والاستقامة على الصراط المستقيم وكل الخصال والقيم الخالدة والأخلاق السامية والخلال الحميدة التي عبر عنها القرآن الكريم بإيجاز معجز: " بالوسط " وهي العدل والخيار وسمو المنزلة بما تحقق فيها من اشتمالها على جميع حقوق الإنسانية وحسن توازنها بين المادة والروح وتخلصها أو براءتها من إفراط هناك وتفريط هنا وغلو