سبق أن تكلمنا على إمامة أبي داود في النقد واعتماد الأئمة على أقواله وإخراجها في كتبهم، ولكن إلى أي طبقات النقد ينتمي إمامنا الجليل؟ وهنا أورد ما ذكره الذهبي في تقسيمه لطبقات النقاد ليتسنى للقارئ الكريم الوقوف على ماهية تلك الطبقات.
قال السخاوي - رحمه الله -: قسم الذهبي من تكلم في الرجال أقساماً:
١- قسم تكلموا في سائر الرواة كابن معين وأبي حاتم.
٢- وقسم تكلموا في كثير من الرواة كمالك وشعبة.
٣- وقسم تكلموا في الرجل بعد الرجل كابن عيينة والشافعي.
قلت:"واعتماداً على ما استخلصته من نتائج من خلال دراستي لكتاب السؤالات تبين لي أن أبا داود من القسم الأول - أعني الذين تكلموا في سائر الرواة. وقد أشرت مسبقاً إلى أنه تكلم في رواة الحديث على اختلاف بلدانهم وتبيانها".
ثم تابع الذهبي قائلاً: والكل على ثلاثة أقسام:
١- قسم منهم متعنت في الجرح متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاثة، فهذا إذا وثق شخصاً فعضّ على قوله بنواجذك وتمسك بتوثيقه، وإذا ضعّف رجلاً فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه، فإن وافقه ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق فهو ضعيف، وإن وثقه أحد فهذا هو الذي قالوا فيه: لا يقبل الجرح فيه إلا مفسراً. يعني لا يكفي فيه قول ابن معين مثلاً ضعيف، ومثل هذا يختلف في تصحيح حديثه وتضعيفه.
قال السخاوي: "ثم قال الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال: لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن على توثيق ضعيف